هل تؤثر مواقعنا الجغرافية على شعورنا بالانتماء؟

عندما زرت الصويرة أول مرة، شعرت بالإنتماء الفوري للمدينة، وكأنني عدت إلى مكان أعرفه منذ زمن بعيد، رغم أنني لم أعش فيها يوما واحدا من قبل.
هواء المحيط، الأزقة القديمة، الهدوء الذي يغمرها، كل شيء بدا مألوفا، وكأنني سكنت فيها لعشرات السنين.
وعلى النقيض من ذلك، عندما أقمت في دبي سابقا، كنت كالغريب وسط الزحام. كل شيء كان جميلا وأنيقا، الخدمات والتطور، لكنه لم يكن لي. شعرت كأنني أعيش في المكان الخطأ دون أن أجد تفسيرا مقنعا لذلك.
ربما سبق لك وأن شعرت بعدم الارتياح في مكان معين، رغم جماله وكماله الظاهري. وربما اختبرت مواقع أطلقت إبداعك، عززت تفكيرك، ومنحتك إحساسا عميقا بالاتصال. في المقابل، قد تكون عشت في مدن واجهت فيها تحديات صعبة، لكنها ساهمت في نضجك ونموك أيضا.
بعض الأماكن انعكاس لما نحن عليه. هناك مدن تتوافق مع روحك، وأخرى تجعلك متوترا بلا سبب واضح. قد يكون ذلك مجرد تفاعل طبيعي مع البيئة، وقد يكون هناك شيء أعمق، شيء لا يمكننا تفسيره، لأننا لا نعرف ماهيته بكل وضوح.
الهجرة عبارة عن انتقال من ثقافة إلى أخرى، من دفء مألوف إلى أرض باردة. هناك من وجد في هجرته خلاصا، وهناك من ظل عالقا بين وطن غادره ومدينة لم تحتضنه.
قد تكون "الأستروكارتوغرافيا" مجرد خرافة. مجرد توافق بين الشخص والمكان. فلا أحد يجزم أن هذه النظرية صحيحة 100٪.
لكن في النهاية، سواء كان ذلك بسبب خطوط الشمس والقمر، أو مجرد إحساس غامض لا يمكن تفسيره، فإن بعض المدن تشبهنا حقا، وهذه حقيقة لا تحتاج إلى علم لإثباتها.
