محمود كان الوطن اليوم - ج ١

كنت قد راسلت محمود قبل أيام،
رسالة خفيفة، دون مقدمات ثقيلة،
أقترح لقاء عابرا…

وربما صورة تذكارية (كسبق صحفي)،
وأسلّمه هدية صغيرة جلبتها من المغرب،
قندورة مغربية، بسيطة، برائحة الوطن.

كل شيء كان خفيفا، مرتبا، محدودا.
لكن محمود لم يتعامل مع الأمور بنفس الطريقة.
فوجئت بردّه:

"ليش ما تجي لعندي عالبيت؟ نفطر سوا."

توقّفت.
قرأت الرسالة مرتين.
أردت أن أعتذر بلطف،

أن أتمسك بفكرة "اللقاء السريع في مكان عام"،
أن أقول إنني لا أحب إزعاج الناس…
لكن محمود لم يترك مجالا للرفض.

أصرّ.
بابتسامة كتابية لا تُرد.
قال إن البيت بيتك، وإننا إخوة،
وإن المغرب وسوريا أقرب مما نظن، خاصة على طاولة إفطار.

محمود سوري،
ومثلي… متغرب جزئيا عن مكانه الأصلي.
يحمل في نبرة كلامه دفئا لا تراه كثيرا في الغرباء.
ولذلك، رغم تحفظي،
وافقت.

الآن، كل شيء مؤجل إلى المساء.
المساء سيكون سوريّا،
الضيافة على أصولها،
وأنا لا أعرف ماذا أرتدي،
ولا كيف أكون طبيعيا في بيت لا أعرفه…
مع شخص لم أرى وجهه من قبل،

ولا أعرف هل يشرب القهوة … أم الشاي بالنعناع مثلنا.

المهم أنني ذاهب.
وأنا متوتر،
ومتردد،
ومتحمّس…

كأنني داخل على امتحان.

ترقبوا.
اليوم سأزور محمود.

مدونة نعيم
مدونة نعيم