مطاردة بلا سبب

لا شيء يجعلك تشعر بالريبة والقلق أكثر من دخول متجر به بائع متحمّس جدا، ذلك النوع الذي لا يؤمن بفكرة التسوّق بحرية، بل يراك كهدف يجب متابعته حتى النهاية.
بمجرد أن تطأ قدمك المتجر، تشعر بنظرة خفية تراقبك. قبل أن تأخذ نفسا، يظهر البائع من العدم وكأنه شبح تم استدعاؤه عندما ولجت باب المتجر: "أهلا وسهلا، كيف يمكنني مساعدتك؟"
أنت تريد فقط إلقاء نظرة عابرة، لكن لا يمكنك قول ذلك مباشرة، لأنك تعلم أن الرد سيكون:
"لا تقلق، أنا هنا لمساعدتك فقط، خذ وقتك".
هذا كذب، فأنت تحت المراقبة الآن.
تتحرك في المتجر، لكن البائع لا يبتعد. يظل على مسافة قريبة منك، يراقب تحركاتك وخطواتك وكأنك في اختبار عملي لكيفية سرقة متجر. تحاول لمس قميص أو تي شرت، وفورا تسمع: "هذا جديد، وصلنا اليوم فقط".
تنظر إلى حذاء على أحد الرفوف، فيأتيك الرد سريعا: "لدينا عرض خاص عليه، كم مقاسك؟".
تفكر في الهروب. لكن ذلك مستحيل، فقط تم إغلاق المخارج.
في هذه المرحلة، لديك بعض الخيارات:
تنظر إلى شيء رخيص جدا، تسأل عن سعره، ثم تقول بجديّة: "سأعود لاحقا". البائع لن يصدقك، لكن هذا أفضل عذر متاح.
تمسك هاتفك، وتتظاهر أنك تلقيت مكالمة عاجلة جدا، تهمس بعبارة مثل “لدي مكالمة طارئة”، ثم تهرب بأقصى سرعة.
تواجه الحقيقة المرة، تقول "أنا فقط أتفرج"، وهذا كفيل بجعل البائع يشعر أنك ضائع في الحياة ولا تستحق كل هذا الاهتمام.
إن قررت الشراء، فسيحاول البائع أن يقنعك بأنك تحتاج إلى أشياء أخرى لا علاقة لها بما كنت تريده أصلا. إن اشتريت قميصا، إذن أنت بالتأكيد تحتاج إلى حزام بطن يتماشى معه. إن اشتريت عطرا، يأتيك الرد: "لدينا كريم مرطب بنفس الرائحة".
أما إذا قررت الهروب، فاعلم أنك ستغادر تحت نظرات البائع التي تقول: :لقد ضيّعت وقتي، أتمنى أن تنكسر رجلك في الشارع".
كل ما أردته هو التسوّق بهدوء، لكن المتجر قرر أن يضعك تحت الاستجواب وكأنك في عملية سرقة. وهكذا، تجد نفسك تتسوّق أكثر عبر الإنترنت، فقط لتتجنب هذا الضغط النفسي المجاني.
