عندما تتحول الفضيحة إلى دعاية مجانية

إذا كنت تبحث عن رحلة فاخرة بكراسي مريحة، ووجبات ساخنة، وكوب ماء مجاني يقدّم لك بابتسامة، فأنت بالتأكيد تقرأ التدوينة الخطأ.
شركة ريان إير للطيران الإقتصادي، أخذت مفهوم التكلفة المنخفضة إلى مستويات جديدة كليا: لا وجبات مجانية، لا شاشات ترفيهية، ولا حتى مقاعد تجعلك تشعر بأنك في طائرة وليس في حافلة مهترئة تطير في السماء.
مؤخرا، تلقى مسؤول كبير في الشركة كعكة مباشرة على الوجه، من ناشطتين بيئيتين في بلجيكا.
الصحفيون صدموا، أما المسؤول فلم يتذمر، ولم يغضب، لم يطلب حتى منديلا لتنظيف نفسه، بل لعق القليل من الكريمة وأضاف قائلا: "أممممم، إنها لذيذة".
دخلت الشركة على الخط. وبدل أن تتعامل مع الأمر كفضيحة مدوية، قررت استغلال الموقف كفرصة ذهبية للتسويق، فنشرت حملة إعلانية تقول: "بثمن هذه الكعكة، يمكنك حجز رحلة جوية معنا"، مرفوقة بصورة المسؤول والكريمة على وجهه.
جنون ريان إير لم يتوقف عند هذا الحد، بل إن مديرها التنفيذي اقترح ذات مرة تصميم طائرات يكون فيها الراكب واقفا مثل ركاب الحافلات.
الفكرة كانت بسيطة: إزالة المقاعد، وإضافة مساند حديدية للتشبث بها، مقابل تذاكر يصل سعرها إلى 2 أو 3 يورو للتذكرة الواحدة. لحسن الحظ، لم توافق السلطات على الفكرة.
ريان إير لم تحاول أبدا الظهور كشركة راقية أو فاخرة، لم تحاول إخفاء عيوبها، بل فعلت العكس تماما.
بدلا من الاعتذار عن رخص خدماتها، سخرت منها علنا، وجعلتها جزءا من هويتها، وبدلا من إنكار الأسعار الإضافية على كل شيء، جعلتها نكتا يتداولها الجميع في تكتوك، مما منحها ملايين المشاهدات، وأرباحا قياسية من الحجوزات.
في عالم التسويق، الجميع يحاول تلميع صورته، لكن ريان إير أثبتت أن الصدق أحيانا، حتى لو كان صادما، قد يكون أفضل وسيلة تسويقية، فالناس لا تبحث عن الكمال، بل عن الحقيقة مهما كانت سيئة.
وبالحديث عن الحقيقة، هناك حيلة أستخدمها كلما سافرت معهم. فقبل انطلاق الرحلة، أتعمد أن أكون آخر شخص يصعد إلى الطائرة، كي أختار بين المقاعد الفارغة، لأن الطاقم لن يسألك عن رقم التذكرة، فلا أحد يهتم إن كنت في المقعد 24A أو 3F طالما أن الطائرة ستُقلع في النهاية.
